كتب محمود حسن أن الضربة الإسرائيلية ضد قادة حركة حماس في الدوحة حملت رسائل تحذير بالغة الخطورة إلى القاهرة، التي تستضيف باستمرار وفود الحركة وتشترك مع قطر والولايات المتحدة في جهود الوساطة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. وأثار المصريون تساؤلات حول مدى استعداد تل أبيب لتكرار السيناريو ذاته في العاصمة المصرية، وكيف سيرد النظام إذا نُفّذت عملية اغتيال على أراضيه، وما يعنيه ذلك لمستقبل معاهدة السلام.

ذكرت ميدل إيست مونيتور أن قصف الدوحة مثّل تحوّلًا استراتيجيًا لافتًا؛ إذ استهدف لأول مرة دولة خليجية تضطلع بدور الوسيط وتحتضن أكبر قاعدة جوية أمريكية بالخارج. وأرسلت العملية إشارة مباشرة إلى مصر بأن عاصمتها ليست بعيدة عن متناول إسرائيل إذا اختارت استهداف قادة حماس الذين يترددون على القاهرة للتفاوض حول وقف إطلاق النار ومستقبل غزة.

تستضيف القاهرة حاليًا عددًا من قادة الفصائل الفلسطينية إلى جانب أسرى محرَّرين أو مبعدين، ما يضع على عاتقها عبئًا أمنيًا واستخباراتيًا كبيرًا. ودفعت هذه التطورات مصر إلى إرسال تحذيرات عاجلة لواشنطن وتل أبيب من أن أي محاولة للعمل على أراضيها ستقود إلى "عواقب وخيمة". ويرى مراقبون أن أي تكرار لسيناريو الدوحة داخل مصر سيُعتبر اعتداءً مباشرًا على سيادتها وانتهاكًا خطيرًا لمعاهدة 1979، كما سيُضعف صورتها كوسيط ويزيد الضغوط الداخلية على القيادة.

رغم استبعاد دوائر الأمن المصرية تكرار سيناريو الضربة الجوية في الدوحة، فإنها تتعامل مع سيناريوهات أخرى أكثر ترجيحًا، مثل زرع عبوة ناسفة أو تنفيذ عملية تسميم أو استخدام عملاء ميدانيين أو عناصر نائمة داخل الحركة. وأوضح مصدر أمني أن لدى إسرائيل خطط اغتيال يصعب تعقبها، لكن الوضع مختلف في مصر التي تملك خبرة عميقة في حماية ضيوفها وتتعامل بحساسية مع أي اختراق استخباراتي.

قد تلجأ تل أبيب إلى تكرار أسلوب "البيجر المفخخ" الذي استُخدم ضد حزب الله عام 2024، عبر تهريب أجهزة متفجرة لقادة فلسطينيين دون ترك بصمات مباشرة. غير أن المحلل المصري محمد عنان يرى أن حماس تعتمد منظومة حماية سرية صارمة وغير مركزية، وتوزع قادتها في عواصم عدة مثل القاهرة والدوحة ودمشق وبيروت والجزائر وأنقرة وطهران وكوالالمبور، ما يجعل استهدافهم أكثر صعوبة.

في المقابل، شددت الحركة إجراءاتها الأمنية بعد تلقيها تحذيرات من عواصم عدة، خاصة مع تهديد بنيامين نتنياهو بملاحقة قادتها "أينما كانوا". ويعني ذلك أن هوية القيادات ومواقعهم تظل غامضة وتُغيَّر دوريًا وفق الحسابات الأمنية.

تحرّكت القاهرة بسرعة لإفشال أي مخطط محتمل، عبر إرسال رسائل ردع واضحة لواشنطن وتل أبيب، وتعزيز الحماية حول قادة الفصائل، وتخفيض مستوى التنسيق الأمني مع إسرائيل. وأطلق رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي خلال قمة الدوحة تصريحًا لافتًا وصف فيه إسرائيل بـ"العدو"، في مؤشر على تصعيد غير مسبوق بالعلاقات. كما اتخذ الإعلام المصري نبرة عدائية واضحة، مع تحذيرات بأن أي غارة على الأراضي المصرية ستقابل برد مماثل.

وعلى الأرض، أعلنت القاهرة وأنقرة استئناف مناورات بحر الصداقة البحرية بين 22 و26 سبتمبر بعد توقف 13 عامًا، في خطوة تحمل دلالات سياسية وعسكرية عميقة، مع احتمالات لتطورها نحو اتفاق دفاعي مشترك على غرار ما وقعته السعودية وباكستان مؤخرًا. كما كشف مصدر أمني مصري عن نشر منظومة دفاع جوي صينية في سيناء قرب الحدود مع إسرائيل، ما يعزز قوة الردع.

في الوقت نفسه، سلّم نتنياهو وزير الخارجية الأمريكي قائمة بأنشطة عسكرية مصرية في سيناء تشمل بناء منشآت تحت الأرض وتوسيع مدارج الطائرات، ما اعتبرته الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرًا على تخزين صواريخ. وردت الهيئة العامة للاستعلامات بأن الهدف من هذه القوات تأمين الحدود ضد الإرهاب والتهريب، مؤكدة التزام مصر المطلق بالسلام.

أوضح المحلل حمدي المصري أن تحركات القاهرة تهدف إلى ردع تل أبيب عن استهداف قادة حماس داخلها، معتبرًا أن تكرار سيناريو الدوحة سيقوض دور مصر كوسيط ويُعد إهانة تستوجب ردًا قويًا. وأضاف أن إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء عندما ضربت الوسيط في قطر والمفاوض في حماس، ما يفرض على مصر مراجعة استراتيجياتها وتبني حزمة إجراءات دبلوماسية وأمنية وعسكرية لردعها.

في الختام، قد تعيد القاهرة صياغة علاقتها بحماس باعتبارها ورقة توازن أمام إسرائيل، مع تعزيز وجودها العسكري في سيناء وتطوير قواعد سرية وأنظمة دفاع جوي، بالتوازي مع إحياء تحالفات عربية وإقليمية لضمان منع تكرار سيناريو الدوحة.

http://—https://www.middleeastmonitor.com/20250923-could-egypt-face-an-attack-similar-to-dohas/